فصل: 243- مخدرات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.243- مخدرات:

1- التعريف:
المخدرات في اللغة: جمع مخدر، وهو مأخوذ من الخدر وهو: الضعف والكسل والفتور والاسترخاء. قال ابن منظور: والخَدَرُ في العين: فتورها، وقيل: هو ثِقَلٌ فيها من قَذىً يصيبها؛ وعين خَدْراءُ: خَدِرَةٌ. والخَدَرُ: الكسَلُ والفُتور؛ وخَدِرَتْ عظامه. والخادِرُ: الفاتِرُ الكَسْلانُ. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه رَزَقَ الناسَ الطِّلأَ فشربه رجل فَتَخَدَّر أَي ضَعُفَ وفَتَرَ كما يصيب الشارب قبل السكر، ومنه خَدَرُ اليدِ والرِّجْلِ.
وفي الاصطلاح: المخدر: ما غيب العقل دون الحواس لا مع نشوة وطرب.
ويطلق الفقهاء المخدرات على المسكرات غير المائعة كالحشيش والأفيون.
المخدرات بمفهومها الحديث: هي كل ما يؤثر على العقل، فيخرجه عن طبيعته المميزة المدركة الحاكمة العاقلة؛ ويترتب على الاستمرار في تعاطيها الإدمان، فيصبح الشخص أسيرا لها.
وفيما يلي تعريف موجز بأشهر أنواع المخدرات المنتشرة:
1- الأفيون: كلمة (أفيون) يونانية معناها (المسبت) أي المنوم، ويطلق عليه بالسريانية (شقيقل) ومعناها (المميت للأعضاء) وهو مادة مخدرة بل هو أشد أنواع المخدرات خطرا وأكثرها انتشارا، ويمكن أن يطلق عليه المخدر الأم لأن معظم المخدرات تحضر منه، وهو أسرع المخدرات إدامنا، ويكون تعاطيه عن طريق خلطه بالطعام، أو التدخين عن طريق تدخين السجائر أو الغليون، أو عن طريق الحقن تحت الجلد؛ وتأثيره مخدر مسكن للألم، وجالب لكثير من الأمراض.
2- المورفين: مورفين نسبة إلى (مورفيوس) وهو إله الأحلام عند الإغريق الذين يعتقدون أن هذا المخدر ينقلهم خلال دقائق إلى (مورفيوس)، هو مادة مخدرة شديدة التأثير تحضر من الأفيون، ويكون تعاطيه عن طريق التدخين أو الحقن تحت الجلد، ويسبب الإدمان، والقلق والهلوسة، واضطراب الشخصية، بالإضافة إلى كثير من الأمراض الناتجة عن تعاطيه.
3- الهيروين: هيروين كلمة لاتينية تعني البطولة، اعتقادا من مكتشفه أنه دواء بطولي، حتى ظهرت تأثيراته السلبية، وسرعة تأديته للهلاك؛ وهو مادة مخدرة شديدة التأثير، ويحضر من المورفين، وفعاليته أكبر من فعالية المورفين بخمس مرات؛ وهو أخطر المخدرات واشدها وأسرعها إدمانا، ويكون تعاطيه عن طريق التدخين أو الاستنشاق، أو الحقن تحت الجلد، وتأثيره يشبه المورفين، إلا أن مدمنه محكوم عليه بالموت.
4- الإمفيتامين: هو مادة مستخرجة أيضا من الأفيون، وتعرف عند العامة باسم (الكونغو) لأنها هربت أول مرة مع بعض من يأتون من (الكونغو) إلى البلاد العربية، ويكون تعاطيها عن طريق البلع وله تأثير منشط يوحي لمتعاطيه بالعظمة، إلا أنه يخدر اللسان، ويسبب الهلوسة وكثيرا من الأمراض.
5- الحشيش: وهو مادة مخدرة مشهورة تستخرج من شجرة القنب الهندي، وعندما تجف تتحول إلى مادة بنية داكنة أو قريبة من السواد، وتكون صلبة، ورائحته تشبه رائحة البخور الهندي، وللحشيش عدة مسميات، ففي دول الخليج، والشام، ومصر، يعرف باسم (الحشيش أو الحشيشة) وفي الجزائر والمغرب يسمى (الكيف) وفي تونس، يسمى (التكروري) وفي الهند يسمى (غانجا، أو بهانغ) وفي تركيا يسمى (الهبك).
ويكون تعاطيه عن طريق التدخين مفردا أو ممزوجا بالتبغ، وله تأثير يسبب الانفعال، وأحيانا بالسرور لفترة معينة يعقبها الخمول وقلة الوعي.
6- الماريجوانا: وهي مادة مخدرة تستخرج من نبات القنب الهندي وتأثيرها أشد وأقوى من تأثير الحشيش، وبعد استخراجها تشبه التبغ المهروس، وتؤخذ على هيئة سجائر تسمى لفائف القنب الهندي، وله تأثير كتأثير الحشيش.
7- الكوكايين: وهو مادة مخدرة خطيرة، تستخرج من شجرة الكوكا، ويكون تعاطيه عن طريق الاستنشاق، أو المضغ، أو الحقن تحت الجلد، أو التدخين، ويسبب الإدمان، ويصيب اللسان بالتخدير، ويشعر متعاطيه بالعظمة، والشجاعة، ثم يبدأ بالهلوسة النظرية والسمعية.
8- النيكوتين: وهو مادة سامة موجودة في كل مواد التدخين، ويحتوي كل جرام من التبغ على عشرين جراما من النيكوتين، ويقول الأطباء إن خمسين جرام نيكوتين، كافية لقتل رجل بالغ إذا أكلها؛ ولاحظ أن سيجارة التبغ التي تزن خمسة جرامات تحتوي على مائة جرام نيكوتين.
9- الكبتاجون: نوع من الحبوب المنبهة. (انظر: مصطلح: كبتاجون).
10- القات: وهو نبات يشبه البرسيم، يزرع في اليمن بكثرة، وفي بعض مدن المملكة كجازان وفيفا، وله مفعول ينعش متعاطيه لمدة ساعتين تقريبا، بعدها يصيبه نوع من التخدير والفتور، ويكون تعاطيه عن طريق المضغ، مصحوبا أحيانا بتدخين الشيشة.
11- الميساكلين والسيلوسين: وهي مواد تسبب الهلوسة السمعية والبصرية والحسية، فيتخيل لمتعاطيها سماع أصوات، ومشاهدة أشياء لا وجود لها في الحقيقة.
12- الشبو: وهو مادة مخدرة اتشرت حديثاً بين فئات من العمال لاسيما من ينتمون إلى شرق آسيا، ومادة الشبو ثبت طبياً أنها تحتوي على مادة (ميثامفيتامين) فهي مثيلة (للإمفيتامين) ومنبهة قوية للجهاز العصبي المركزي، ويتم تعاطيها عن طريق الحقن، او الاستنشاق أو التدخين أو البلع. (انظر: مصطلح: شبو).
2- حكم استعمال المخدرات:
لم يرد نص صريح في الكتاب أو السنة يدل على تحريم المخدرات بذاتها، ولكن وردت نصوص صريحة تحرم الخمر والمسكرات، ويستفاد من عموم هذه النصوص تحريم المخدرات، لوجود العلة الموجودة في المسكرات في المخدرات، بل هي في المخدرات أظهر وأشهر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وأما الحشيشة الملعونة المسكرة فهي بمنزلة غيرها من المسكرات، والمسكر منها حرام باتفاق العلماء؛ بل كل ما يزيل العقل فإنه يحرم أكله، ولو لم يكن مسكرا، كالبنج، فإن المسكر يجب فيه الحد وغير المسكر يجب فيه التعزير.... وساق الكلام رحمه الله إلى أن قال: وأما قول القائل: إن هذه ما فيها آية ولا حديث؛ فهذا من جهله فإن القرآن والحديث فيهما كلمات جامعة هي قواعد عامة، وقضايا كلية تتناول كلما دخل فيها فهو مذكور في القرآن والحديث باسمه العام وإلا فلا يمكن ذكر كل شيء باسمه الخاص فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق، وقال: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف 158] وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [سورة الفرقان آية 1] وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء 107] فاسم الناس، والعالمين يدخل فيه العرب وغير العرب من الفرس، والروم، والهند، والبربر).
ولاشك أن المخدرات محرمة بعموم نصوص الكتاب والسنة وبإجماع الأمة وبالقياس الصحيح. فمن النصوص الواردة في الكتاب: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة 90-91]. فهذه الآية نص في تحريم الخمر لما فيها من إيقاع العداوة بين الناس، وصد عن ذكر الله وعن الصلاة، والخمر هو ما خامر العقل أي ستره وغطاه، وهذه الأوصاف متحققة في المخدرات، بل هي فيها أشد.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف 157]، وهذه الآية أخذ منها العلماء قاعدة كلية وهي: (إن كل طيب مباح وكل خبيث محرم)، وجميع أصناف الناس حتى الذين يتعاطون المخدرات يقولون: إن المخدرات ليست من الطيبات بل هي من الخبيثات. وقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة 195]، وقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء 29]، وتعاطي المخدرات يخالف مقتضى الأمر في هاتين الآيتين، لأن المخدرات تؤدي إلى الهلاك والى قتل النفس، كما اثبت ذلك الطب.
وأما النصوص الواردة من السنة فكثيرة ومنها: ما رواه مسلم رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام». قال ابن حجر رحمه الله: (واستدل بمطلق قوله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام»، على تحريم كل ما يسكر ولو لم يكن شرابا فيدخل في ذلك الحشيشة وغيرها).
وما رواه أبو داود رحمه الله عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (نهى رسول الله صلى اله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر).
ونقل العظيم أبادي في عون المعبود عن الطيبي قوله (لا يبعد أن يستدل به على تحريم البنج والشعثاء ونحوهما مما يفتر ويزيل العقل لأن العلة وهي إزالة العقل مطردة فيها).
وأما الإجماع على تحريم المخدرات فقد حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: (وأما الحشيشة الملعونة المسكرة فهي بمنزلة غيرها من المسكرات والمسكر منها حرام باتفاق العلماء).
وأما القياس فهو دليل على تحريم المخدرات، وذلك بقياسها على الخمر بجامع أن كلا منهما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة البغضاء، بين الناس، بل إن المخدرات تفوق الخمر في ذلك وتنتج عنها المشاكل الأسرية والاجتماعية.
3- أنواع المخدرات:
تنقسم المخدرات من حيث النوع إلى ثلاثة أقسام هي:
* أولا: مخدرات طبيعية:
وهي التي توجد في بعض النباتات، ومنها:
1- الحشيش: وهو يوجد في نبات القنب الهندي.
2- والماريجوانا: وهو يوجد في نبات القنب الهندي، ويعرف محليا باسم (الجنزفوري).
3- الأفيون: ويوجد في شجرة الخشخاش.
4- القات: ويوجد في نبات القات.
* ثانيا: مخدرات طبيعية مصنعة:
وهي التي تصنع من مواد طبيعية موجودة في النباتات، مثل:
1- المورفين: ويصنع من الأفيون الذي يستخرج أصلا من شجرة الخشخاش.
2- الهيروين: ويصنع من المورفين (السابق).
* ثالثا: مخدرات مصنعة كيميائيا:
وهي التي يتم تصنيعا في المختبرات والمصانع الكيميائية، مثل:
1- الإمفيتامينات.
2- عقاقير الهلوسة0 مثل: حمض ليسرجيك (إل، إس، دي).
4- أضرار المخدرات:
أضرار المخدرات كثيرة ومتنوعة، فهي مضرة بالدين، وبالأسرة والمجتمع، وبالصحة، والاقتصاد، والأمن، ويمكن أن نوجز هذه المضار في النقاط التالية:
1- تعاطي المخدرات وتهريبها، وترويجها، وبيعها، والمتاجرة فيها، معصية لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولولاة الأمر.
2- تعاطي المخدرات فيه صد عن ذكر وعن الصلاة وعن سائر العبادات.
3- تعاطي المخدرات فيه مرضاة لعدو الإنسان الأول الشيطان؛ كما أنه سلاح فتاك يستعمله أعداء المسلمين لتدمير شباب المسلمين دينيا وعقليا، وفكريا، وماديا.
4- تعاطي المخدرات فيه تعد على نعمة العقل التي أنعم الله به على الإنسان، وكرمه بها على سائر المخلوقات.
5- المخدرات تكون سببا في تفكك الأسرة والمجتمع.
6- متعاطي المخدرات يتجرد من خلق الحياء والصفات الحميدة، ويتصف بالصفات الرذيلة.
7- متعاطي المخدرات كالحيوان، فهو يقع على محارمه ويفعل بهن الفاحشة تحت تأثير المخدر وفقدان العقل.
8- متعاطي المخدرات يسهل عليه ارتكاب الجرائم، لاسيما مع الإدمان، وذهاب العقل.
9- تعاطي المخدرات يؤثر تأثيرا بليغا على الحالة المعيشية والسكنية والتعليمية والأخلاقية للأسرة.
10- المخدرات تتطلب مضاعفة الإنفاق المالي من قبل الدولة بسبب زيادة الإنفاق على أجهزة الرقابة والعاملين على مكافحة المخدرات، وإيجاد مراكز متخصصة لمعالجة المدمنين، وهذا يشكل عبئا اقتصاديا على خزانة الدولة وإرهاقا للميزانية العامة.